جزيرة "كو تاروتاو" .. جنة تايلاندية منعزلة
من مانويل ماير
كو تاروتاو 25 نيسان/أبريل (د ب أ) – تعتبر تايلاند من أهم الوجهات السياحية في جنوب شرق آسيا لما تتمتع به من مقومات سياحية بارزة مثل المناظر الطبيعية الساحرة والشواطئ الرملية الناعمة والجزر الحالمة والأسواق الشهيرة، التي تجتذب الزوار من جميع أنحاء العالم.
وتعتبر جزيرة "كو تاروتاو"، التي تقع في أقصى جنوب غرب تايلاند، بمثابة جزيرة الحلم للكثيرين؛ حيث يشعر المرء فيها وكأنه داخل كتاب سياحي مصور. لذا تعتبر هذه الجزيرة المنعزلة بمثابة جنة لعشاق الهدوء التام والانغماس في أحضان الطبيعة.
وتقع جزيرة "كو تاروتاو" في منطقة نائية للغاية في بحر أندامان بالقرب من الحدود مع ماليزيا، وتمتد على مساحة صغيرة جدا لا تتعدى 150 كيلومتر مربع، ويصل طولها إلى 26 كلم وعرضها 11 كلم، وبذلك فإنها تعتبر رابع أكبر جزيرة في تايلاند.
محمية طبيعية
وهنا يظهر تساؤل حول الأسباب، التي حافظت على هذه الجزيرة كمكان حالم وساحر. وترجع الإجابة عن هذا التساؤل إلى 50 عاما، حيث تم إنشاء أول محمية طبيعية بحرية في تايلاند في 19 نيسان/أبريل 1974، وتضم هذه المحمية 51 جزيرة في المنطقة الجنوبية من بحر أندامان، وتمتد على مساحة 1450 كيلومتر مربع.
وإلى جانب جزيرة "كو تاروتاو"، التي تعتبر أكبر جزيرة في المحمية الطبيعية وتحمل اسم الجزيرة، يوجد العديد من الجزر الأخرى مثل جزيرة "كو أدانج" وجزيرة "كو راوي".
وهناك أيضا الكثير من الجزر الصغيرة غير المأهولة، مثل جزيرة "كو خاي" ببوابتها الصخرية الطبيعية، والتي تحولت إلى أيقونات للمحمية الطبيعية.
كما أنها تمثل ملاجئ مثالية للسلاحف البحرية أثناء فترة وضع البيض على الشاطئ، ويشاهد السياح هنا أيضا الكثير من الدلافين والحيتان وخراف البحر بالقرب من الشعاب المرجانية النادرة، وعلى الجزر نفسها يعيش الكثير من قرود المكاك والسحالي والخنازير البرية وطيور الطوقان والثعابين العاصرة.
وأوضح حارس المحمية الطبيعية بونخون راروينج قائلا: "نظرا لعدم وجود أي إنسان تقريبا على هذه الجزر بسبب صعوبة الوصول إليها، فإن النباتات والحيوانات هنا لم تعبث بها يد الإنسان قبل 50 عاما، مقارنة بمجموعات الجزر الأخرى، وكان هذا هو سبب إنشاء المحمية الطبيعية البحرية".
علاوة على أن الجزيرة الجبلية، التي يصل ارتفاع أعلى قمة جبلية بها إلى 708 مترا، مغطاة بالغابات المطيرة الكثيفة ومنحدرات الحجر الجيري، ما يجعل الزراعة مستحيلة عليها تقريبا.
أكواخ حجرية
وتقوم إدارة المحمية الطبيعية بتأجير بعض الأكواخ الحجرية البسيطة في جزيرة "كو تاروتاو"، والتي تتمتع بموقع مثالي على الشاطئ؛ نظرا لأن بناء الفنادق محظور هنا، ويقدم المطعم وجبات الإفطار والعشاء، ولكنه يكون محاصرا بأعداد كبيرة من القرود خلال النهار.
وعادة ما يستأجر السياح القليلون أصلا في الجزيرة دراجات هوائية للسير بها عبر الغابة والوصول إلى الخلجان المنعزلة والشلالات الواقعة في الجزء الداخلي من الجزيرة، كما ينطلق البعض الآخر في جولات تجول سيرا على الأقدام، وفي تلك الأثناء تراقبهم أسراب من طيور أبو قرن، وخلال هذه الجولات تظهر بعض التحديات مثل المنحدرات الجبلية الوعرة ودرجات الحرارة الاستوائية.
مغامرات صغيرة
وتؤدي معظم مسارات التجول عبر الغابة إلى الشواطئ الحالمة مثل شاطئ "أو سون"، الذي يمتد لمسافة 4 كلم ويغلب عليه طابع العزلة. ويمكن أن تتحول الجولات، التي يقوم بها السياح في الجزيرة إلى مغامرات صغيرة، مثل الانطلاق في جولة عبر الغابة للوصول إلى نقطة المراقبة "كليف فيو بوينت" مع مشاهدة تمثال بوذا والاستمتاع بالمناظر البانورامية الساحرة للجزء الشمالي من الجزيرة أو الانطلاق بجولة بقوارب الكاياك على أحد الأنهار في داخل الجزيرة والوصول إلى كهف التمساح.
ويقوم الحراس بتأجير قوارب الكاياك والكشافات الأمامية عند الرصيف، كما يمكن التقاط صورة جوية مطبوعة لمسار التجول، وتبدأ الجولة مع انخفاض المد واصطحاب كمية كافية من مياه الشرب، وتستغرق الجولة حوالي ساعتين عبر متاهة في غابات المانجروف حتى يصل السياح إلى الكهف، ولكن ماذا يحدث عندما يسير قارب في رافد خطأ؟
ولا يوجد قارب يسير في المسار؛ نظرا لوجود طائر مالك الحزين فوق المياه، وينعم المرء في هذه الجنة الطبيعية بشعور لا يوصف عند التجديف بمفرده في القارب، وفجأة تظهر الصواعد والهوابط في شعاع الضوء الصادر من الكشافات الأمامية، وعلى نوع من الجسر البلاستيكي يواصل النهر مسيره تحت الأرض إلى عمق الكهف.
ويتعين على المرء أن ينحني؛ لأن السقف منخفض للغاية ويتدلى منه آلاف الخفافيش، وقد أكد حراس المحمية أنهم لم يرصدوا أية تماسيح هنا منذ عقود، وبعد هذه الجولة المثيرة يعود السياح إلى المطعم لتناول طبق "باد تاي". ومع حلول الليل تبدأ المغامرة التالية في الكوخ؛ حيث تدب الحياة في الغابة المحيطة بالكوخ المنعزل، ويبقى الخيار الوحيد أمام السياح هو الاستماع إلى الأصوات الغريبة والقرود المنتشرة على السطح.